إلا رسول الله [1]

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الأنبياء والمرسلين نبينا محمد صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرً إلى يوم الدين، وبعد/

فان الله أرسل رسوله – صلى الله عليه وسلم - بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله

شهيداً وأنزل على عبده محمد - صلى الله عليه وآله وسلم - القرآن هدى للناس وبينات من الهدى

والفرقان وجعله سبحانه وتعالى كتاباً عزيزاً لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم

حميد جعله الله للذين آمنوا هدى وشفاء وبياناً وموعظة ورحمة ونورا وضياء وأما الذين لا يؤمنون به ففي

آذانهم وقر وهو عليهم عمى أولئك ينادون من مكان بعيد.

سيدي يا حبيبي يا قرة عيني يا نبض قلبي وبركة حركتي وشفيعي في دار القرار إذا ضاقت الأمور

واستوحشت أخذت أصلي عليك مستشعراً قول الله لك يا حبيبي: (( اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ (( [النور:35

]، وقوله تعالى: )) قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ (( [المائدة: 15]، وقوله تعالى: )) فَآمِنُوا بِاللَّهِ

وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنَا (( [التغابن: 8] ثم أحدث نفسي أُمة ربها نور ورسولها نور وكتابها نور، كيف

هيأت وسمحت لنفسها أن تعيش في الظلام؟

ونحن نعيش في هذه الأيام تصاعدا لأزمة هي فعلا أزمة فماذا بعد إساءة شخص الحبيب المصطفى

محمد - صلى الله عليه وسلم – خير من طلعت عليه شمس خير خلق الله كلهم ولو عرفوه والله لأحبوه

واحترموه ونصروه وأكرموه واستفادوا من سيرته الطيبة الطاهرة فكلامه - صلى الله عليه وسلم - هو

المصدر الثاني من التشريع الإسلامي وما كان من كلامه أبدا ما يُسئ إلى أحد وإن كان هذا الأحد قد

أساء إليه عفا عنه وضرب مثلا كبيرا في العفو وقفوا أمامه مهزومين منكسرين وقد أيده الله بنصر من

عنده نصر يورث عزه وتواضع وشكر للوهاب الكريم فقال المشركون ماذا أنت فاعل بنا؟ فقال - صلى الله

عليه وسلم - لمن أدموا قدمه ورأسه وأخرجوه من مكة وتأمروا على قتله واستهزأوا به وكفروا بما جاء من

القرآن قال لهم: اذهبوا فأنتم الطلقاء. تخيل أخي القارئ أن الله منَّ عليك برؤيته - صلى الله عليه وسلم -
وسمعت منه ما رواه خادمه أنس بن مالك عندما قال: قَالَ: رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – " لَا ي

ُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَلَدِهِ وَوَالِدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ " حديث متفق عليه. ماذا تفعل ومن

تمام هذا الحب أن تدافع عمن تحب فهو من يدافع عنك يوم الحشر عندما تتكرر جملة " نفسي


نفسي " فلا يقولوها ولا يطبقها بل أنا لها أنا لها فيشفع ويُشفع ويتكلم ويُسمع ويكون أول من يدخل

الجنة وندخل من بعده إن شاء الله تعالى.

النبي الذي سخروا منه..

قالوا فيه ما قالوا، والناس أعداء ما جهلوا.. ألا فليعرفوه، ولينظروا في أخلاقه، وأوصافه، فشفاء الجهل

العلم.

أعظم رجل في التاريخ بلا مبالغة ومهما قلنا فلن نعطيه حقه: محمد بن عبد الله - صلى الله عليه وسلم-.

ومن حسن تقدير الله لهذه الأمة أن جعله رسولها، فلها الفخر بهذا الشرف.. ومن المؤسف:

- أن من الناس من لا يستشعر عظمته.

- ومنهم من لا يكترث بحقوقه الواجبة على الأمة، من: محبة، وإتباع، وأدب.

- وقد أهمل تعليم الصغار صفاته الخُلُقية والخَلْقية؛ فأطفالنا ينشئون وهم لا يعرفون عن نبيهم إلا: اسمه

وشيئا من نسبه، وهجرته من مكة إلى المدينة. أما صفاته البدنية، وأخلاقه، ومقامه، وحقوقه، وجوانب

سيرته فلا خبر لهم بها. وهذا تقصير منا..!!

نحن نحتاج إلى أن نتعرف على كل صغيرة وكبيرة في حياته، من لدن مولده إلى وفاته.. ينبغي أن ننظر

إليه: مربيا، وقدوة، وقائدا، ورسولا، وسيدا ذا مقام رفيع، وقلب رحيم، ونفس زكية، وأدب جم، وصبر

جميل. من حقه علينا أن ندرس كل جوانب حياته، ونعلم أطفالنا وأزواجنا وأهلينا: من هو رسول الله؟.

إنه محمد بن عبد الله؛ ومحمد معناه: المحمود في كل صفاته.

أخرج البخاري في التاريخ الصغير عن أبي طالب:

وشق له من اسمه ليجله
فذو العرش محمود وهذا محمد


وقد كان اسمه أحمد كما جاءت تسميته في الكتب السابقة، قال تعالى على لسان عيسى عليه

السلام: )) وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ  )) [الصف: 6] وتسميته محمدًا وقعت في

القرآن؛ سمي محمدا:

* لأن ربه حمده قبل أن يحمده الناس، وفي الآخرة يحمد ربه فيشفعه فيحمده الناس.

* ولأنه خص بسورة الحمد، وبلواء الحمد، وبالمقام المحمود.

* وشرع له الحمد بعد الأكل، والشرب، والدعاء، وبعد القدوم من السفر.

وسميت أمته الحمادين، فجمعت له معاني الحمد وأنواعه...
وأما عن صفاته الخَلقية:

- فهو أبيض، ليس شديد البياض أمهقا، بل مشربا بحمرة، والعرب تسمي الأسمر سمرة

خفيفة أبيضا مشرب بحمرة، قال أبو طالب:

وأبيضُ يستسقى الغمام بوجهه
ثمالُ اليتامى عصمةٌ للأرامل

- ليس بالطويل البائن ولا بالقصير المتردد.

- بعيد ما بين المنكبين.

- شديد سواد الشعر، ليس بالجعد القطط؛ وهو الشعر الذي يلتف على بعضه، ولا بالسبط؛ وهو الشعر

المسترسل الناعم شديد النعومة، وإنما بين ذلك، يبلغ شحمة أذنيه، وقيل: "منكبيه".. يفرقها فرقتين

من وسط الرأس، وفي شعر رأسه ولحيته شعيرات بيض لا تبلغ العشرون.

- مليح، وجهه مثل القمر في استدارته وجماله، ومثل الشمس في إشراقه، إذا سر يستنير ويتهلل

وتنفرج أساريره.

- واسع الفم، والعرب تمدح بذلك وتذم بصغر الفم، جميل العينين قال جابر: "أشكل العينين" رواه مسلم

قيل أشكل العينين: "أي طويل شق العينين"، وقيل: "حمرة في بياض العينين".

- يداه رحبتان كبيرتان واسعتان لينة الملمس كالحرير، يقول أنس: "ما مسست ديباجا ولا حريرا ألين من

كف رسول الله - صلى الله عليه وسلم -". متفق عليه.

- قدماه غليظتان لينة الملمس، فكان يجمع في بدنه وأطرافه بين لين الملمس وقوة العظام.

- يداه باردتان، لهما رائحة المسك، يقول أبو جحيفة: "قام الناس فجعلوا يأخذون يديه فيمسحون بهما

وجوههم، فأخذت بيده فوضعتهما على وجهي فإذا هي أبرد من الثلج وأطيب رائحة من المسك"رواه
البخاري.

* وعن جابر بن سمرة: "مسح رسول الله خدي فوجدت ليده بردا أو ريحا كأنما أخرجها من جؤنة

عطار"مسلم كان عرقه أطيب من ريح المسك، قال أنس: " كأن عرقه اللؤلؤ " رواه مسلم.

* ويقول وائل بن حجر: " لقد كنت أصافح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو يمس جلدي جلده،

فأتعرقه بعد في يدي وإنه لأطيب رائحة من المسك". رواه الطبراني والبيقهي.

- وجمعت أم سليم من عرق النبي - صلى الله عليه وسلم - فجعلته في طيبها.

- وعن أنس: " كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا مر في طريق من طرق المدينة وجد منه

رائحة المسك فيقال: مر رسول الله ". رواه أبو يعلى والبزار بإسناد صحيح.

- قال أنس: " ما شممت عنبرا قط، ولا مسكا، ولا شيئا أطيب من ريح رسول الله" رواه مسلم

- ساقاه بيضاء، تبرقان لمعانا.

- إبطه أبيض، من تعاهده نفسه بالنظافة والتجمل.

- إذا مشى يسرع، كأنما ينحدر من أعلى، لا يستطيع أحد أن يلحق به.