تابع الموضوع
الخليل محمد صلى الله عليه وسلم وصل إلى أعلى مقام، مقام لم يصل إليه مخلوق ولا جبريل رئيس الملائكة، تأخر جبريل وتقدم محمد صلى الله عليه وسلم حتى سجد بين يدي المعبود، زالت كل الحجب وبقي الحجاب الأخير، وكما قال صلى الله عليه وسلم: " وحجابه النور لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما امتد إليه بصره سبحانه وتعالى " هذا الحجاب لا يكشف في الدنيا، لم يكشف لموسى عليه السلام ولم يكشف لمحمد صلى الله عليه وسلم ولكن ما وصل أحد إلى أعلى من هذا المقام، ومع ذلك كان وعي النبي صلى الله عليه وسلم حاضراً وشهوده كاملاً، ما غاب عقله ولا زاغ بصره ولا طغى بصره، وعى كل ما رأى وكل ما ألقي إليه وروى ذلك لأصحابه ولأمته : " يا محمد ارفع رأسك سل تعط واشفع تشفع " . سمع هذا وهو في ذاك المكان ورواه للأمة، معناه أنه وصل وهو بكامل شهوده .
ادعوا أهل التصوف الصحيح من علماء وحكماء أن يبادروا بإصلاح التصوف إن أرادوا أن يلحقوا بركب الصحوة المباركة، صحوة أهل السنة والجماعة، وكما يقول الفقهاء في محترزات التعريف أقول : صحوة أهل السنة والجماعة، هذه الدائرة الكبرى لا يبقى خارجاً منها إلا الروافض ؛ الروافض ليس بيننا وبينهم إلا كما قال الشاعر :
ليس بيني وبين قيس عتاب غير طعن الكلى وضرب الرقاب
ومن تخيل أنه يمكن أن يلتقي مع الروافض فهو واهم لم يقرأ التاريخ ولا يعرف الروافض أصلاً ولا عقائدهم، كلما تقربت منهم تباعدوا عنك، وكلما توددت إليهم حقدوا عليك، ما تركوا هذه الخصلة أبداً على مدار التاريخ، ولست هنا بصدد الحديث عن هؤلاء الذين يقفون خارج الدائرة، ربما يكون لهذا مناسبة أخرى أنا هنا أتحدث عن المدارس التي داخل دائرة أهل السنة والجماعة، ومدرسة التصوف الصحيح من هذه المدارس . فعلى عقلاء التصوف وعلماء التصوف أن ينقوا صورته التي شوهت كثيراً، وأن يبادروا بحركة الإصلاح وإعادة هذا التصوف إلى وجهه الصحيح وجذوره الأولى و إلا فالفناء حق عليهم وركب الصحوة سائر في طريقه .
هذا والله أعلم، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد النبي الأكرم وعلى آله وأصحابه أجمعين