عاشق المصطفى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


أحباب المصطفى مرحبا بكم
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  

 

 أنوار من سيرة سيد الخلق محمدا صلى الله عليه

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
خاشعه لله
عاشق



عدد الرسائل : 131
الله : <!--- MySMS By AlBa7ar Semauae.com --><form method="POST" action="--WEBBOT-SELF--"> <!--webbot bot="SaveResults" u-file="fpweb:///_private/form_results.csv" s-format="TEXT/CSV" s-label-fields="TRUE" --><fieldset style="padding: 2; width:208; height:104"> <legend><b>My SMS</b></legend> <marquee onmouseover="this.stop()" onmouseout="this.start()" direction="up" scrolldelay="2" scrollamount="1" style="text-align: center; font-family: Tahoma; " height="78">االله الله الله</marquee></fieldset></form><!--- MySMS By AlBa7ar Semauae.com -->
تاريخ التسجيل : 10/09/2010

أنوار من سيرة سيد الخلق محمدا صلى الله عليه  Empty
مُساهمةموضوع: أنوار من سيرة سيد الخلق محمدا صلى الله عليه    أنوار من سيرة سيد الخلق محمدا صلى الله عليه  Icon_minitime1الخميس 14 أكتوبر 2010 - 13:41

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله حمدا يوافي نعمه ويكافئ مزيده والصلاةوالسلام على الدرة النبوية الفريدة روح جسم
الوجود وعلة كل موجود سيدنا ومولانا وقرة عيوننا
ونبينا الرسول المكرم حبيب الرحمن محمد وعلى
آله وأصحابه وعترته وأحبابه وتابعيه بإحسان إلى
يوم الدين آمين آمين
أما بعد
أنوار من سيرة سيد الخلق محمدا صلى الله عليه
وسلم
1-ج
روى أبو إسحاق في تاريخه، وابن أبي حاتم ، في تفسيره عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " كنت أول الأنبياء خلقا وآخرهم بعثا ".
وروى ابن إسحاق عن قتادة مرسلا قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، " كنت أول الناس في الخلق وآخرهم في البعث
وروى أبو سعد النيسابوري في " الشرف "، وابن الجوزي في الوفا " عن كعب الأحبار ، قال: لما أراد لله سبحانه وتعالى أن يخلق محمدا - صلى الله عليه وسلم أمر جبريل أن يأتيه بالطينة التي هي قلب الأرض وبهاؤها ونورها، فهبط جبريل في ملائكة الفردوس وملائكة الرفيق
الأعلى، فقبض قبضة رسول الله صلى الله عليه وسلم من موضع قبره الشريف، وهي بيضاء نيرة، فعجنت بماء التسنيم في معين أنهار الجنة، حتى صارت كالدرة البيضاء لها شعاع عظيم، ثم طافت بها الملائكة حول العرش والكرسي والسماوات والأرض، فعرفت الملائكة محمدا صلى الله عليه وسلم قبل أن تعرف آدم أبا البشر، ثم كان نور محمد صلى الله عليه وسلم - يرى في غرة جبهة آدم وقيل له: يا آدم هذا سيد ولدك من المرسلين.
فلما حملت حواء بشيث انتقل النور عن آدم إلى حواء، وكانت تلد في كل بطن ولدين إلا شيثا فإنها ولدته وحده كرامة لمحمد صلى الله عليه وسلم، ثم لم يزل النور ينتقل من طاهر إلى طاهر إلى أن ولد صلى الله عليه وسلم.
وفي كتاب الأحكام للحافظ الناقد أبي الحسن بن القطان روى علي بن الحسين ، عن أبيه عن جده مرفوعا: " كنت نورا بين يدي ربي عز وجل قبل أن يخلق آدم بأربعة عشر ألف عام
وروى الحافظ محمد بن عمر العدني شيخ مسلم في مسنده عن ابن عباس
رضي الله عنهما أن قريشا - أي المسعدة بالإسلام - كانت نورا بين يدي الله تعالى قبل أن يخلق آدم بألفي عام يسبح ذلك النور وتسبح الملائكة بتسبيحه.
قال ابن القطان: فيجتمع من هذا مع ما في حديث علي: أن النور النبوي جسم بعد
هو علي بن محمد بن عبد الملك الكتامي الحميري الفاسي، أبو الحسن بن القطان، من حفاظ الحديث ونقدته، ثم قال نقلا عن الشبراملسي: ليس المراد بقوله من نوره ظاهره من أن الله تعالى له نور قائم بذاته لاستحالته عليه تعالى، لأن النور لا يقوم إلا بالأجسام بل المراد خلق من نور مخلوق له قبل نور محمد وأضافه إليه تعالى لكونه تولى خلقه، ثم قال ويحتمل أن الإضافة بيانية، أي خلقه نور نبيه منها، بل بمعنى أنه تعالى تعلقت إرادته بإيجاد نور بلا توسط شئ في وجوده، قال هذا أول الأجوبة نظير ما ذكره البيضاوي في قوله تعالى (ثم سواه ونفخ فيه من روحه) حيث قال إضافة إلى نفسه تشريفا وإشعارا بأنه خلق عجيب وأن له مناسبة إلى حضرة الربوبية
وقد أشار عمه العباس رضي الله تعالى عنه إلى ذلك فيما رواه الطبراني أن سيدنا العباس رضي الله عنه قال: يا رسول الله إني أريد أن أمتدحك.
فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: قل: لا يفضض الله فاك.
فقال الله تعالى عنه: من قبلها طبت في الظلال وفي * * مستودع حيث يخصف الورق ثم هبطت البلاد لا بشر * * أنت ولا مضغة ولا علق بل نطفة تركب السفين وقد * * ألجم نسرا وأهله الغرق وردت نار الخليل مكتتما * * تجول فيها وليس تحترق تنقل من صالب إلى رحم * * إذا مضى عالم بدا طبق حتى احتوى بيتك المهيمن من * * خندف علياء تحتها نطق وأنت لما ولدت أشرقت الأر * * ض وضاءت بنورك الأفق ونحن في ذلك الضياء وفي النو * * ر وسبل الرشاد نخترق
وروى سعيد بن منصور وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي وابن عساكر ،
عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لما خلق الله تعالى آدم خبره ببنيه، فجعل يرى فضائل بعضهم على بعض، فرأى نورا ساطعا في أسفلهم، فقال: يا رب من هذا ؟ قال: هذا نبيك أحمد وهو أول وهو آخر "
ولفظ سعيد والبيهقي: " هو أول من يدخل الجنة.
فقال: الحمد لله الذي جعل من ذريتي من يسبقني إلى الجنة ولا أحسده ".
ويرحم الله تعالى صالح بن الحسين الشافعي رحمه الله تعالى حيث قال في قصيدته: وكان لدى الفردوس في زمن الرضا * * وأثواب شمل الأنس محكمة الشذى
يشاهد في عدن ضياء مشعشعا * * يزيد على الأنوار في النور والهدى فقال: إلهي ما الضياء الذي أرى * * جنود السماء تعشو إليه ترددا فقال نبي خير من وطئ الثرى * * وأفضل من في الخير راح أو اغتدى تخيرته من قبل خلقك سيدا * * وألبسته قبل النبيين سؤددا تنبيه: قال الغزالي في كتاب النفخ والتسوية: في قوله صلى الله عليه وسلم: " كنت أول النبيين خلقا ": أن المراد بالخلق هنا التقدير دون الإيجاد فإنه قبل أن ولدته أمه لم يكن موجودا، ولكن الغايات والكمالات سابقة في التقدير لاحقة في الوجود.
وبسط الكلام على ذلك.
" التسنيم " قال العزيزي رحمه الله تعالى: يقال هو أرفع شراب أهل الجنة.
ويقال:
سنم: قال: (ومزاجه من تسنيم) قيل: هو عين في الجنة رفيعة القدر وفسر بقوله: عينا يشرب بها المقربون،
ففي اللسان قالوا: هو ماء في الجنة سمي بذلك لأنه يجري فوق الغرف والقصور،

تسنيم: عين تجري من فوقهم تسنمهم في منازلهم أي تنزل عليهم من عال.
ويقال تسنم الفحل الناقة إذا علاها.
وضياء مشعشع أي منتشر.
وقول سيدنا العباس: " من قبلها " الضمير فيه إما للدنيا، أو للنبوة أو للولادة " الظلال ": جمع ظل.
المراد به هنا: ظل الجنة.
" مستودع ": بفتح الدال المهملة.
" حيث يخصف الورق " أشار إلى قوله تعالى: " وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة ".
وأشار إلى كونه في صلب آدم كما كان نطفة في صلب سام بن نوح، وهو في السفينة حين أغرق الله تعالى نسرا.
والسفين: جمع سفينة
ونسر: هو المذكور في سورة نوح.
ونسر ويغوث ويعوق وود وسواع: أسماء لجماعة عباد كانوا بنين لآدم، فماتوا فحزن عليهم أهل عصرهم فصور لهم إبليس اللعين أمثالهم من طفر ونحاس ليستأنسوا بهم، فجعلوها في مؤخر المسجد، فلما هلك أهل ذلك العصر قال اللعين لأولادهم، هذه آلهة آبائكم فعبدوهم.
ثم إن الطوفان دفنها فأخرجها اللعين للعرب فكانت ود لكلب بدومة الجندل، وسواع لهذيل بساحل البحر، ويغوث لغطيف من مراد، ويعوق لهمدان، ونسر لذي الكلاع من حمير.
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: أوحى الله تعالى إلى عيسى: " آمن بمحمد صلى الله عليه وسلم وأمر أمتك أن يؤمنوا به، فلولا محمد ما خلقت آدم ولا الجنة ولا النار، ولقد خلقت العرش على الماء فاضطرب فكتبت عليه لا إله إلا الله محمد رسول الله فسكن ".
رواه أبو الشيخ في طبقات الأطبهانيين، والحاكم وصححه، وأقره السبكي في شفاء السقام، والبلقيني في فتاويه.
قال الذهبي: في سنده عمرو بن أوس لا يدري من هو
ولبعضه شاهد من حديث عمر بن الخطاب رواه الحاكم
قال الإمام جمال الدين محمود بن جملة: ليس مثل هذا للملائكة ولا لمن سواه من الأنبياء.


وما عجب إكرام ألف لواحد * * لعين تفدى ألف عين وتكرم وروى الديلمي في مسنده عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال: " أتاني جبريل فقال: يا محمد إن الله يقول لولاك ما خلقت الجنة، ولولاك ما خلقت النار ".
ويروى عن سلمان رضي الله تعالى عنه قال: " هبط جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن ربك يقول لك: " إن كنت اتخذت إبراهيم خليلا فقد اتخذتك حبيبا، وما خلقت خلقا أكرم علي منك، ولقد خلقت الدنيا وأهلها لأعرفهم كرامتك ومنزلتك، ولولاك ما خلقت الدنيا ".
رواه ابن عساكر وسنده واه جدا.
وفي فتاوي شيخ الإسلام البلقيني أن في مولد العزفي و شفاء الصدور " لابن سبع، عن علي رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم عن الله عز وجل أنه قال: " يا محمد وعزتي وجلالي لولاك ما خلقت أرضي ولا سمائي ولا رفعت هذه الخضراء، ولا بسطت هذه الغبراء ".
قال: وذكر المصنفان المذكوران في رواية أخرى، عن علي رضي الله تعالى عنه أن الله تعالى قال لنبيه صلى الله عليه وسلم: " من أجلك أبطح البطحاء وأموج الماء وأرفع السماء وأجعل الثواب والعقاب والجنة والنار ".
ولله در العارف بالله سيدي علي بن أبي الوفا نفعنا الله تعالى بهم حيث قال:
سكن الفؤاد فعش هنيئا يا جسد * * هذا النعيم هو المقيم إلى الأبد روح الوجود حياة من هو واحد * * لولاه ما تم الوجود لمن وجد عيسى وآدم والصدور جميعهم * * هم أعين هو نورها لما ورد لو أبصر الشيطان طلعة نوره * * في وجه آدم كان أول من سجد أو لو رأى النمروذ نور جماله * * عبد الجليل مع الخليل وما عند لكن جمال الله جل فلا يرى * * إلا بتوفيق من الله الصمد
عن عبد الله بن عمرو رضي الله تعالى عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " إن الله عز وجل كتب مقادير الخلق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة " (وكان عرشه على الماء).رواه مسلم.
زاد صاحب اللطائف: ومن جملة ما كتب في الذكر وهو أم الكتاب: أن محمدا صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين.
وعن العرباض ابن سارية رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إني عند الله في أم الكتاب لخاتم النبيين، وإن آدم لمنجدل في طينته.
رواه الإمام أحمد والحاكم وصححه.
والمعنى: كتبت خاتم الأنبياء في الحال الذي آدم مطروح على الأرض حاصل في أثناء تخلقه لما يفرغ من تصويره وإجراء الروح.
وقال الحافظ أبو الفرج ابن رجب رحمه الله تعالى في اللطائف: المقصود من هذا الحديث أن نبوة النبي صلى الله عليه وسلم كانت مذكورة معروفة من قبل أن يخلقه الله تعالى ويخرجه إلى دار الدنيا حيا، وأن ذلك كان مكتوبا في أم الكتاب من قبل نفخ الروح في آدم صلى الله عليه وسلم، وفسرأم الكتاب باللوح المحفوظ وبالذكر في قوله تعالى: (يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب).
وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه سأل عن أم الكتاب فقال: علم الله ما هو خالق وما خلقه عاملون، فقال لعلمه كن كتابا.
فكان كتابا.
ولا ريب أن علم الله تعالى قديم أزلي لم يزل عالما بما يحدثه من خلقه، ثم إن الله تعالى كتب ذلك عنده في كتاب عنده قبل أن يخلق السماوات والأرض كما قال تعالى: (ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير).
وفي صحيح البخاري عن عمران بن حصين رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " كان الله ولا شئ قبله، وكان عرشه على الماء، وكتب في الذكر كل شئ، ثم خلق السماوات والأرض " وقوله في هذا الحديث: " إني عند الله في أم الكتاب " ليس المراد به - والله أعلم - أنه حينئذ كتب في أم الكتاب ختمه للنبيين وإنما المراد الإخبار عن كون ذلك مكتوبا في أم الكتاب في ذلك الحال قبل نفخ الروح في آدم وهو أول ما خلق الله تعالى من النوع الإنساني.
وجاء في أحاديث أخر أنه في تلك الحالة وجبت له صلى الله عليه وسلم النبوة.
وهذه مرتبة ثالثة وهو
انتقاله صلى الله عليه وسلم من رتبة العلم والكتابة إلى رتبة الوجود العيني الخارجي.
فإنه صلى الله عليه وسلم استخرج من ظهر آدم ونبئ فصارت نبوته موجودة في الخارج بعد كونها كانت مكتوبة مقدرة في أم الكتاب.
فعن ميسرة الفجر رضي الله تعالى عنه قال: " يارسول الله، متى كنت نبيا ؟ قال: وآدم بين الروح والجسد ".
رواه الإمام أحمد والبخاري في تاريخه والحاكم وصححه.
قال الإمام أحمد في رواية منها: وبعضهم يرويه متى كتبت من الكتابة ؟ قال: " كتبت نبيا وآدم بين الروح والجسد ".
رواه ابن عساكر فتحمل هذه الرواية مع حديث العرباض السابق على وجوب نبوته صلى الله عليه وسلم وثبوتها وظهورها في الخارج، فإن الكتابة إنما تستعمل فيما هو واجب شرعا كقوله تعالى: (كتب عليكم الصيام) أو قدرا كقوله تعالى: (كتب الله لأغلبن أنا ورسلي).
وعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قالوا يا رسول الله متى وجبت لك النبوة ؟ قال: " وآدم بين الروح والجسد "
رواه الترمذي وحسنه.
وعن الصنا بحي مرسلا - عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه أنه قال: يا رسول الله متى جعلت نبيا ؟ قال: " وآدم بين الروح والجسد
رواه أبو نعيم
وروى الآجري في كتاب الشريعة، عن سعيد بن أبي راشد قال: سألت عطاء رحمه الله تعالى: هل كان النبي صلى الله عليه وسلم نبيا قبل أن يخلق الخلق ؟ قال: إي والله وقبل أن تخلق الدنيا بألفي عام.
قال الحافظ ابن رجب: عطاء هذا الظاهر أنه الخراساني، وهذا إشارة إلى ما ذكرناه من كتابة نبوته صلى الله عليه وسلم في أم الكتاب عند تقدير المقادير.
ويرحم الله القائل حيث قال: سبقت نبوته وآدم طينة * * فله الفخار على جميع الناس سبحان من خص النبي محمدا * * بفضائل تتلى بغير قياس ! تنبيهان الأول: ما اشتهر على الألسنة بلفظ: " كنت نبيا وآدم بين الماء والطين " قال ابن تميمة والزركشي والشيخ وغيرهم من الحفاظ: لا أصل له.
وكذا: " كنت ولا آدم ولا ماء ولا طين ".
الثاني: قال الإمام العلامة الحافظ شيخ الإسلام تقي الدين السبكي قدس الله تعالى روحه: لم يصب من فسر قوله صلى الله عليه وسلم: " كنت نبيا وآدم بين الروح والجسد " (بأنه) سيصير
نبيا، لأن علم الله تعالى محيط بجميع الأشياء، ووصف النبي صلى الله عليه وسلم بالنبوة في ذلك الوقت ينبغي أن يفهم منه أنه أمر ثابت له في ذلك الوقت، ولو كان المراد بذلك مجرد العلم بما سيصير إليه في المستقبل لم تكن له خصوصية بأنه نبي وآدم بين الروح والجسد، لأن جميع الأنبياء يعلم الله نبوتهم في ذلك الوقت وقبله، فلا بد من خصوصية للنبي صلى الله عليه وسلم لأجلها أخبر أمته الخبر إعلاما لأمته، ليعرفوا قدره عند الله تعالى ثم قال: فإن قلت: النبوة وصف لازم أن يكون الموصوف به موجودا، وإنما يكون بعد بلوغ أربعين سنة، فكيف يوصف به قبل وجوده وقبل إرساله وإن صح ذلك فغيره كذلك قلت: قد جاء أن الله خلق الأرواح قبل الأجساد، فقد تكون الإشارة بقوله: " كنت نبيا " إلى روحه الشريفة أو إلى حقيقة من الحقائق، والحقائق تقصر عقولنا عن معرفتها وإنما يعلمها خالقها ومن أمده الله تعالى بنور إلهي، ثم إن تلك الحقائق يؤتي الله تعالى كل حقيقة منها ما يشاء في الوقت الذي يشاء، فحقيقة النبي صلى الله عليه وسلم قد تكون من قبل خلق آدم آتاها الله ذلك الوصف بأن يكون خلقها، مهيأة لذلك فأفاضه عليه من ذلك الوقت فصار نبيا وكتب اسمه على العرش وأخبر عنه بالرسالة ليعلم ملائكته وغيرهم كرامته عنده، فحقيقته موجودة في ذلك الوقت وإن تأخر جسده الشريف المتصف بها.
واتصاف حقيقته بالأوصاف الشريفة المضافة عليه من الحضرة الإلهية إنما يتأخر البعث والتبليغ وكل ما له من جهة الله تعالى ومن جهة تأهل ذاته الشريفة صلى الله عليه وسلم وحقيقته معجل لا تأخر فيه، وكذا استنباؤه وإيتاؤه الحكم والنبوة، وإنما المتأخر تكونه وتنقله إلى أن ظهر صلى الله عليه وسلم.
وأثر كعب السابق الأول يؤيد ما قاله.
وقال بعض العارفين: لما خلق الله الأرواح المدبرة للأجسام عند وجود حركة الفلك أول ما خلق الله الزمان بحركة، كان أول ما خلق روح محمد صلى الله عليه وسلم، ثم صدرت الأرواح عن الحركات الفلكية فكان لها وجود في عالم الغيب دون عالم الشهادة، وأعلمه بالنبوة وآدم
لم يكن، كما قال: " بين الروح والجسد " فاقتضى قوله: " كنت نبيا وآدم بين الروح والجسد " أن يكون حقيقة، فإنه لا يكون العدم بين أمرين موجودين لانحصاره، والمعدوم لا يوصف بالحصر في شئ، ثم انتهى الزمان إلى وجود جسمه صلى الله عليه وسلم وارتباط الروح به، فظهر سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بكليته جسما وروحا، فكان له الحكم أولا باطنا في جميع ما ظهر من الشرائع على يدي الأنبياء والرسل صلوات الله وسلامه عليهم، ثم صار له الحكم ظاهرا فنسخ كل شرع وإن كان الشرع واحدا وهو صاحب الشرع، فإنه قال: " كنت نبيا " ما قال: كنت إنسانا ولا كنت موجودا، وليست النبوة إلا بالشرع المقرر من عند الله تعالى، فأخبر صلى الله عليه وسلم أنه صاحب النبوة قبل وجود الأنبياء في الدنيا.زاده الله تعالى شرفا وفضلا لديه
روى ابن سعد عن الشعبي مرسلا قال: قال رجل: يارسول الله متى آستنبئت ؟ قال: " وآدم بين الروح والجسد حين أخذ مني الميثاق " وروى أبو سهل القطان في أماليه، عن سهل بن صالح الهمذاني، قال: سألت أبا جعفر محمد بن علي: كيف صار محمد صلى الله عليه وسلم يتقدم الأنبياء وهو آخر من بعث ؟ قال: إن الله لما أخذ من بني آدم من ظهورهم ذرياتهم وأشهدهم على أنفسهم: ألست بربكم، كان محمد صلى الله عليه وسلم أول من قال بلى.ولذلك صار يتقدم الأنبياء وهو آخر من بعث.
قال الحافظ ابن رجب في اللطائف: وخبر الشعبي يدل على أنه من حين صور آدم طينا أستخرج وأخذ منه صلى الله عليه وسلم ونبئ وأخذ منه الميثاق، ثم أعيد إلى ظهر آدم حتى يخرج وقت خروجه الذي قد رأيت خروجه فيه، فهو أولهم خلقا، وآخرهم بعثا، وهو آخر النبيين باعتبار أن زمانه تأخر عنهم.
لا يقال: خلق آدم قبله، لأن آدم كان حينئذ هواء لا روح فيه، ومحمد صلى الله عليه وسلم كان حيا حين استخرج ونبئ وأخذ منه الميثاق، ولا يقال إن استخراج ذرية آدم منه كان بعد نفخ الروح فيه، كما دل عليه أكثر الأحاديث والذي تقرر أنه استخرج ونبئ قبل نفخ الروح في آدم، لأنه صلى الله عليه وسلم خص باستخراجه من ظهر آدم قبل نفخ الروح فيه فإن محمدا صلى الله عليه وسلم هو المقصود من خلق النوع الإنساني، وهو عينه وخلاصته.
ويستدل بخبر الشعبي وغيره مما تقدم على أنه صلى الله عليه وسلم ولد نبيا، فإن نبوته وجبت له حين أخذ الميثاق حيث استخرج من صلب آدم فكان نبيا حينئذ، ولكن كانت مدة خروجه إلى الدنيا متأخرة عن ذلك، وذلك لا يمنع كونه
نبيا كمن تولى ولاية ويؤمر بالتصرف فيها في زمن مستقبل، فحكم الولاية ثابت له من حين ولايته وإن كان تصرفه يتأخر إلى حين مجئ الوقت.
والأحاديث السابقة تقدم نبوته صلى الله عليه وسلم صريحة في ذلك.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
قال الإمام العلامة خالد بن محمود بن جملة رحمه الله تعالى: لم يثبت أن غيره صلى الله عليه وسلم أثبت اسمه على العرش.
روى الحاكم والطبراني عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لما اقترف آدم الخطيئة قال: يا رب أسألك بحق محمد لما غفرت لي.
قال وكيف عرفت محمدا ؟ قال: لأنك لما خلقتني بيدك ونفخت في من روحك رفعت رأسي فرأيت على قوائم العرش مكتوبا: لا إله إلا الله محمد رسول الله.فقلت: إنك لم تضف إلى اسمك إلا أحب الخلق إليك.قال: صدقت يا آدم ولولا محمد ما خلقتك
قال الإمام الزاهد الشيخ إبراهيم الرقي رحمه الله تعالى: لو لم يتب عليه لبقي هو وذريته في دار السخط أبد الأبد.فما ظنك برجل واحد شمل العالمين كلهم بركته، حتى صولح به المتمردون ورزق به المحرمون وجبر به المنكسرون وأنقذ به المعذبون، ومن العجب أن ننتظر شفاعته في القيامة وقد سبقت شفاعته فينا وفي أبينا من أول دنيانا، فهو مطهر الباطن والظاهر مبارك الأول والآخر.
وروى ابن أبي عاصم في المسند وأبو نعيم عن أنس رضي الله تعالى عنه أن الله
سبحانه تعالى قال لموسى: " يا موسى إن من لقيني وهو جاحد بمحمد صلى الله عليه وسلم أدخلته النار.
فقال: من محمد ؟ قال يا موسى وعزتي وجلالي ما خلقت خلقا أكرم علي منه، كتبت اسمه مع اسمي في العرش قبل أن أخلق السماوات والأرض والشمس والقمر بألفي عام ".
وروى ابن المنذر، عن محمد بن علي بن الحسين بن أبي طالب رضي الله تعالى عنهم، أن آدم لما أكل من الشجرة عظم كربه واشتد ندمه علمه جبريل أن يقول دعاء ومنه: اللهم إني أسألك بجاه محمد عندك وكرامته عليك أن تغفر لي خطيئتي.
ففعل آدم، فقال الله: يا آدم من علمك هذا ؟ قال: يا رب إنك لما نفخت في الروح.
فذكر نحو الحديث الأول.
وروي ابن أبي الدنيا عن سعيد بن جبير رحمه الله تعالى قال: اختصم ولد آدم: أي الخلق أكرم على الله ؟ فقال بعضهم: آدم خلقه الله بيده وأسجد له ملائكته.
وقال آخر: بل الملائكة الذين لم يعصوا الله.
فذكروا الكلام لآدم فقال: لما نفخ في الروح لم تبلغ قدمي.فاستويت جالسا فبرق العرش فنظرت فيه: محمد رسول لله.فذاك أكرم الخلق على الله عز
وجل.وروى ابن الجوزي بسند جيد لا بأس به، عن ميسرة رضي الله تعالى عنه قال: قلت يا رسول الله، متى كنت نبيا ؟ قال: " لما خلق الله الأرض واستوى إلى السماء فسواهن سبع سماوات وخلق العرش كتب على ساق العرش: محمد رسول الله خاتم الأنبياء.
وخلق الله تعالى الجنة التي أسكنها آدم وحواء، فكتب اسمي على الأوراق والأبواب والقباب والخيام، وآدم بين الروح والجسد، فلما أحياه الله تعالى نظر إلى العرش فرأى اسمي، فأخبره الله تعالى أنه سيد ولدك.
فلما غرهما الشيطان تابا واستشفعا باسمي إليه ".
وروى ابن عساكر عن كعب الأحبار قال: إن الله أنزل على آدم عصيا بعدد الأنبياء
والرسل، ثم أقبل على ابنه شيث فقال يا بني أنت خليفتي من بعدي، فخذها بعمارة التقوى والعروة الوثقى، وكلما ذكرت الله فاذكر إلى جنبه اسم محمد صلى الله عليه وسلم، فإني رأيت اسمه مكتوبا على ساق العرش وأنا بين الروح والطين، ثم طفت في السماوات فلم أر في السماوات موضعا إلا رأيت اسم محمد مكتوبا عليه، وإن ربي أسكنني الجنة فلم أر في الجنة قصرا ولا غرفة إلا واسم محمد مكتوب عليه، ولقد رأيت اسم محمد على نحور الحور العين وعلى ورق قصب آجام الجنة، وعلى ورق شجرة طوبى وعلى ورق سدرة المنتهى، وعلى أطراف الحجب وبين أعين الملائكة، فأكثر ذكره فإن الملائكة تذكره في كل ساعاتها.
وروى ابن عساكر في تاريخ دمشق وابن العديم في تاريخ حلب، عن أبي الحسين على بن عبد الله الهاشمي الرقي، رحمه الله تعالى قال: دخلت بلاد الهند فرأيت في بعض قراها شجر ورد أسود فيفتح عن وردة كبيرة طيبة الرائحة سوداء مكتوب عليها بخط أبيض: لا إله إلا الله محمد رسول الله.
فشككت في ذلك وقلت إنه معمول، فعمدت إلى حبة لم تفتح فرأيت فيها كما رأيت في سائر الورد، وفي البلد منه شئ كثير وأهل تلك القرية يعبدون الحجارة.
وفي مسالك الأبصار ذكر ابن سعيد المغربي أنه أخبره من دخل الهند رأى في غيضة بنواحي بالكين، وهي قصبة الهند، شجرة عظيمة لها ورد أحمر فيه مكتوب ببياض: لا إله إلا الله محمد رسول الله.
ونقل القاضي عن السمطاوي رحمه الله تعالى أنه شاهد في بعض بلاد خراسان مولودا ولد على أحد جنبيه مكتوب: لا إله إلا الله، وعلى الآخر: محمد رسول الله.
وقال الشيخ عبد الله اليافعي في كتاب " روض الرياحين " قال بعض الشيوخ: دخلت
بلاد الهند فرأيت فيها شجرة تحمل ثمرا يشبه اللوز له قشران، فإذا كسر خرج منه ورقة خضراء مكتوب عليها بالحمرة: لا إله إلا الله.
كتابة جلية، وهم يتبركون بها ويستقون بها إذا منعوا من الغيث.
فحدثت بها أبا يعقوب الصياد فقال لي: ما أستعظم هذا، كنت أصطاد على نهر الأبلة فاصطدت سمكة مكتوب على جنبها الأيمن: لا إله إلا الله.
وعلى جنبها الأيسر: محمد رسول الله.
فلما رأيتها قذفتها في الماء احتراما لها.
الأبلة: بلد معروف قرب البصرة.
وروى الخطيب في تاريخه، عن عبد الرحمن بن هارون المغربي رحمه الله تعالى قال: ركبت بحر المغرب فوصلنا إلى موضع يقال له السوطون، وكان معنا غلام صقلي ومعه سنارة فدلاها في البحر فصاد سمكة قدر شبر، فنظرنا فإذا مكتوب على أذنها الواحدة: لا إله إلا الله.
وفي قفاها وخلف أذنها الأخرى: محمد رسول الله.
وكان أبين من نقش على
حجر، وكانت السمكة بيضاء والكتابة سوداء كأنها كتابة بحبر.
فقذفناها في البحر.
وروى أبو الشيخ في العظمة عن جعفر بن عرفة رحمه الله تعالى قال: كنت في البحر في مركب فظهرت لنا سمكة بيضاء وإذا على قفاها مكتوب بسواد أشد سوادا من الحبر: لا إله إلا الله محمد رسول الله.
وروى ابن عساكر من طريق الحسن عن سلمان قال: قال عمر بن الخطاب رضي
الله عنه لكعب الأحبار: أخبرنا عن فضائل رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل مولده.
قال: نعم يا أمير المؤمنين قرأت إن إبراهيم الخليل وجد حجرا مكتوبا عليه أربعة أسطر: الأول: أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني.
والثاني: أنا الله لا إله إلا أنا محمد رسولي طوبى لمن آمن به واتبعه.
والثالث: إني أنا الله لا إله إلا أنا من اعتصم بي نجا.
والرابع: إني أنا الله لا إله إلا أنا الحرم لي والكعبة بيتي، من دخل بيتي أمن من عذابي.
وروى أبو نعيم عن طلحة رضي الله تعالى عنه قال: وجد في البيت حجر منقور في الهدمة الأولى، فدعي رجل فقرأه فإذا فيه: عبدي المنتخب المتوكل المنيب المختار، مولده بمكة ومهاجره طيبة، لا يذهب حتى يقيم السنة العوجاء ويشهد أن لا إله إلا الله، أمته الحمادون يحمدون الله بكل أكمة يأتزرون على أوساطهم ويطهرون أطرافهم.
وروى البيهقي عن عمر رضي الله تعالى عنه قال: بلغني في قول الله تعالى: (وكان تحته كنز لهما) أن الكنز كان لوحا من ذهب مكتوب فيه: عجبا لمن أيقن بالموت كيف يفرح، عجبا لمن أيقن بالحساب كيف يضحك، عجبا لمن أيقن بالقدر كيف يحزن، عجبا لمن يرى الدنيا وزوالها وتقلبها بأهلها كيف يطمئن لها، لا إله إلا الله محمد رسول الله.
وروى البزار عن أبي ذر نحوه،
قال الله تعالى: وإذ أخذ الله ميثاق النبيين) عهدهم (لما) بفتح اللام للابتداء أو دخلت لتوكيد معنى القسم، لأن أخذ الميثاق قسم في المعنى.
وبكسرها متعلقة بأخذ، وما موصولة على الوجهين أي الذي (آتيتكم) (من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم) أي من الكتاب والحكمة، وهو محمد صلى الله عليه وسلم (لتؤمنن به ولتنصرنه) جواب القسم، أي إن أدركتموه، وأممهم تبع لهم في ذلك.
قال الله تعالى لهم: (أأقررتم) بذلك (وأخذتم) قبلتم ووافقتم (على ذلكم إصري) عهدي (قالوا أقررنا قال فاشهدوا) أي فليشهد بعضكم على بعض بالإقرار واشهدوا: خطاب للملائكة (وأنا معكم من الشاهدين) عليكم وعليهم (فمن تولى) أعرض (بعد ذلك) الثبات (فأولئك هم الفاسقون) أي الخارجون عن طاعة.
روى ابن ابي حاتم عن السدي في الآية قال: لم يبعث الله نبيا قط من لدن نوح إلا أخذ ميثاقه ليؤمنن بمحمد صلى الله عليه وسلم وينصره إن أدركه وخرج وهم أحياء.
وروى ابن جرير ، عن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه في الآية قال: لم يبعث الله نبيا، آدم فمن بعده، إلا أخذ عليه العهد في محمد صلى الله عليه وسلم: لئن بعث وهو حي ليؤمنن به ولينصرنه، وأمره بأخذ العهد على قومه.
وروى ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: ما بعث الله نبيا قط إلا أخذ عليه العهد: لئن بعث محمد صلى الله عليه وسلم وهو حي ليؤمنن به ولينصرنه، وأمره بأخذ الميثاق على أمته إن بعث
محمد صلى الله عليه وسلم وهم أحياء ليؤمنن به ولينصرنه.
رواه البخاري في صحيحه.
كما نقله الزركشي في شرح البردة، والحافظ ابن كثير في تاريخه وأول كتابه جامع المسانيد، و ابن عساكر بنحوه.
قال الإمام العلامة الحافظ شيخ الإسلام تقي الدين السبكي قدس الله سره في هذه الآية من التنويه بالنبي صلى الله عليه وسلم وعظيم قدره ما لا يخفى أنه على تقدير مجيئه في زمانهم يكون مرسلا إليهم.
فتكون نبوته ورسالته عامة لجميع الخلق من زمن آدم إلى يوم القيامة وتكون الأنبياء وأممهم كلهم من أمته، ويكون قوله صلى الله عليه وسلم: " بعثت إلى الناس كافة " لا يختص به الناس في زمانه إلى يوم القيامة بل يتناول من قبلهم أيضا.
وإنما أخذ المواثيق على الأنبياء ليعلموا أنه المقدم عليهم وأنه نبيهم ورسولهم.
وفي (أخذ) وهي في معنى الاستخلاف، ولذلك دخلت لام القسم في (لتؤمنن به ولتنصرنه) لطيفة أخرى، وهي كأنها البيعة التي تؤخذ للخلفاء ولعل إيمان الخلفاء أخذت من هذا، فانظر إلى هذا التعظيم للنبي صلى الله عليه وسلم من ربه.
فإذا عرفت هذا فالنبي صلى الله عليه وسلم نبي الأنبياء، ولهذا أظهر ذلك في الآخرة جميع الأنبياء تحت لوائه.
وفي الدنيا كذلك ليلة الإسراء صلى بهم، ولو اتفق مجيئه في زمن آدم ونوح
وإبراهيم وموسى وعيسى وجب عليهم وعلى أممهم الإيمان به صلى الله عليه وسلم ونصرته.
ولذلك أخذ الله الميثاق عليهم، فنبوته صلى الله عليه وسلم ورسالته إليهم معنى حاصل له.
وإنما أمره يتوقف على اجتماعهم معه، فتأخر الأمر راجع إلى وجودههم لا إلى اتصافه بما يقتضيه.
وفرق بين توقف الفعل
على قبول المحمل وتوقف أهلية الفاعل، فهنا لا توقف من جهة الفاعل ولا من جهة ذات النبي صلى الله عليه وسلم الشريفة، وإنما هو من جهة وجود العصر المشتمل عليه، فلو وجد في عصرهم لزمهم أتباعه بلا شك، ولهذا يأتي عيسى صلى الله عليه وسلم في آخر الزمان على شريعته صلى الله عليه وسلم، وهو نبي
كريم، لا كما يظن بعض الناس أنه يأتي واحدا من هذه الأمة، نعم هو واحد من هذه الأمة لما قلنا من اتباعه للنبي صلى الله عليه وسلم وإنما يحكم بشريعة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بالقرآن والسنة، فكل ما فيهما من أمر ونهي فهو متعلق به كما يتعلق بسائر هذه الأمة، وهو نبي كريم على حاله لم ينقص منه شئ ولذلك لو بعث النبي صلى الله عليه وسلم في زمانه أو زمان موسى وإبراهيم ونوح وآدم كانوا مستمرين على نبوتهم ورسالتهم إلى أممهم، والنبي صلى الله عليه وسلم نبي الله ورسوله إلى جميعهم، فنبوته ورسالته أعم وأشمل وأعظم، ويتفق مع شرائعهم في الأصول لأنها لا تختلف، وتقدم شريعته فيما عساه يقع الاختلاف فيه من الفروع، إما على سبيل التخصيص وإما على سبيل النسخ أو لا نسخ ولا تخصيص بل تكون شريعة النبي في تلك الأوقات بالنسبة إلى تلك الأمم مما جاءت به أنبياؤهم، وفي هذا الوقت بالنسبة إلى هذه الأمة الشريفة، والأحكام تختلف باختلاف الأشخاص والأوقات.
انتهى كلامه رضي الله تعالى عنه وأرضاه.
فإن قيل: قال الله سبحانه وتعالى: (أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتدة).
فالجواب: بأن هداهم من الله وهو شرعه صلى الله عليه وسلم، أي الزم شرعك الذي ظهر به نوابك، من إقامة الدين وعدم التفرقة فيه ولم يقل الله بهم اقتدة وكذا قال تعالى (ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفا) وهو الدين، فهو صلى الله عليه وسلم مأمور باتباع الدين، فإن أصل الدين إنما هو من الله تعالى لا من غيره، وأين هذا من قوله صلى الله عليه وسلم باتباع الدين لا باتباع الأنبياء، فإن السلطان الأعظم إذا حضر لا يبقى لنائب من نوابه حكم إلا له، فإذا غاب حكم النواب بمراسيمه، فهو الحاكم في الحقيقة غيبة وشهادة.
فإنك شمس والملوك كواكب * * إذا ظهرت لم يبد منهن كوكب وقد أشار إلى ذلك المعنى البوصيري ، وتوفي قبل مولد السبكي رحمهما الله تعالى.
القصيدة مطلعها: أتاني - أبيت اللعن - أنك لمتني * * وتلك التي أهتم منها وأنصب
وكل آي أتى الرسل الكرام بها * * فإنما اتصلت من نوره بهم فإنه شمس فضل هم كواكبها * * يظهرون أنوارها للناس في الظلم
اللهم إنك تعلم سري وعلانيتي فاقبل معذرتي وتعلم
حاجتي فاعطني سؤلي
وتعلم ما في نفسي فاغفر لي ذنبي يا من يعلم خائنة
الأعين
وما تخفي الصدور استغفرك وأتوب إليك وألجأ
إليك وأتوكل عليك
حسبي الله ونعم الوكيل وصلى الله على سيدنا محمد
طب القلوب
ودواءها وعافية الأبدان وشفاءها ونور الأبصار
وضياءها
وقـوت العقول وغذاءها وعلى آله وصحبه وسلم
والحـمد لله رب العالمين

للشيخ الفاضل نود
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
أنوار من سيرة سيد الخلق محمدا صلى الله عليه
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
عاشق المصطفى :: منتديات عاشق المصطفى :: الحبيب صلى الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم-
انتقل الى: